سمات الأقليات المسلمة في الغرب
د. إسماعيل القاضي - رئيس اتحاد المنظمات الاجتماعية في أوكرانيا "الرائد":
ما هي أهم الصفات والسمات التي يجب أن تتميز بها الأقلية المسلمة في الغرب وفي أوكرانيا خاصة ولطالما أن المسلمين في أوكرانيا كالأقلية مسلمة هم جزء من المجتمع الأوكراني الذي يعيشون فيه ولطالما أنها – الأقلية المسلمة- تميزت بدينها إذا لابد أن تتحلى بالمقومات والسمات التالية:
ما هي أهم الصفات والسمات التي يجب أن تتميز بها الأقلية المسلمة في الغرب وفي أوكرانيا خاصة ولطالما أن المسلمين في أوكرانيا كالأقلية مسلمة هم جزء من المجتمع الأوكراني الذي يعيشون فيه ولطالما أنها – الأقلية المسلمة- تميزت بدينها إذا لابد أن تتحلى بالمقومات والسمات التالية:
- العبودية لله تعالى.
- الأمر بالمعروف والدعوة إلى الخير.
- العدل.
- التعاون والتكافل.
- الشورى والتناصح.
- التسامح والتغافر.
- مواكبة التطور والتقدم.
- العلم والمعرفة.
- ارتباط بالاصل واتصال بالعصر.
- المبادئ الانسانية السامية والأخلاق القيمة.
- الحرية.
* العبودية لله تبارك وتعالى:
وذلك من خلال المواظبة على العبادات الصرفة المباشرة "الصلاة والصوم والزكاة والحج"، ومن خلال العبادات غير المباشرة، فكل عملٍ نافع للإنسان والمجتمع وابتُغِيَ به وجه الله فهو عبادة: ﴿يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون﴾.
* الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو سر الخيرية التي وهبنا إياها ربنا عزوجل: ﴿كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله﴾، وهو رابط الولاية بين المسلمين ﴿والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر﴾ وعلى الجميع ممارسة هذه الفريضة كل بحسب استطاعته وبالحكمة والموعظة الحسنة منتهجين نهج الرسول القدوة بالتبشير لا بالتنفير وبالتيسير لا بالتعسير.
* الحرية:
فليست الحرية إتباع الشهوات، وإشباع الغرائز بإطلاق العنان للنفس، تأخذ حظها كما تريد وتهوى، وليست الحرية طعناً في عقيدة الإسلام وثوابته بلغة القدح والذم والتشهير، بل الحرية : تبصّر وتعقّل وقناعة، ومن ثم ممارسة ما وصلت إليه مقتنعاً، ضمن مسار الآداب الإنسانية من غير عدوان ولا بغي، وكل مفردات الحرية مَرعية: من رأي وتعبير وفكر وعمل ونقد الخ...
* الشورى والتناصح:
والشورى تَطلّعٌ جادٌّ إلى ما لدى الآخرين من علم ومعرفة وخبرة تتعلق بالموضوع المبحوث، ومن شاورَ الرجال شاركهم عقولهم. والشورى مأمور بها من قبل الله: ﴿وشاورهم في الأمر﴾، وهي صفة محمودة للمستجيبين لربهم: ﴿والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون﴾. والمشاوَرون هم المختصون بالشأن المعني، وهم بالإضافة إلى ذلك أولو أحلامٍ ونُهى.
إضافة إلى ذلك لابد من تفعيل مبدأ النصيحة على كافة المستويات مراعين شروطها وآدابها والدين النصيحة كما في الحديث النبوي الشريف وعن أبي هريرة أن الرسول قال(المؤمن مرآة أخيه والمؤمن أخو المؤمن يكف عنه ضيعته ويحوطه من ورائه).
* العدل والمساواة:
العدل مع كل الناس لا يُميل ميزانَه حب ولا كراهية: ﴿يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قومٍ على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى﴾.
والعدل وإرساؤه هو الغاية الأولى من إنزال الرسالات: ﴿لقد أرسلنا رسلنا بالبنيات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط﴾.
والعدل مطلوب في القول والعمل والحكم، وكل الناس دون استثناء مُطالَبون به، والمساواة من مفرزات العدل، وتعني اعتبار الكفاءة هي المعيار في كل الأمور، يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه في رسالته الشهيرة إلى أبي موسى الأشعري: "آسِ بين الناس – أي سوِّ بينهم – في وجهك ومجلسك وقضائك حتى لا يطمع شريف في حيفك ولا ييأس ضعيف من عدلك" رواه الدار قطني.
* التكافل والتعاون:
فالإسلام يرفض الفقرَ سِمَةً للمجتمع، وقد استعاذ منه النبي صلى الله عليه وسلم أيما استعاذة إذ كان يردد في دعائه: (اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر)، ولهذا حضَّ الإسلام أتباعه على مواجهته متعاونين: فيا أغنياء أنفقوا، ويا أغنياء ابحثوا عن الفقراء بحثاً جاداً (ليس المسكين الذي يطوف على الناس ترده اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان، ولكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه ولا يُفطن به فيتصدق عليه ولا يقوم فيسأل الناس) رواه البخاري. ويا أيها الأغنياء أنفقوا بسخاء وأناقة ولطف، ويا أيها المسلمون تعاطفوا وتكافلوا جميعاً أقاربَ وأرحاماً وجبرانا ... وهذا التكافل مطلوب تفعيله من خلال المركز الإسلامية والجمعيات التي تمارس العمل الاجتماعي، وأهم القواعد التي يجب مراعاتها في هذا المضمار:
- تحقيق الاكتفاء الذاتي للأقلية المسلمة بالخبرات والكفاءات، والتخطيط الدقيق البنّاء ومعرفة الحاجات، ووضع الإنسان المناسب في المكان المناسب.
- حسن استثمار الموارد والمحافظة عليها.
- الاعتدال في الإنفاق الاستهلاكي.
- إقامة التوازن بين الطبقات الاجتماعية.
- وضع خطط التنمية وزيادة الموارد والثروات.
ويتابع الإسلام نداءه إلى أتباعه (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان).
ويقول المصطفى عليه الصلاة والسلام: (المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا)، (المسلمون كرجل واحد)، (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كثل الجسد الواحد اذا اشتكى عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).
*العلم والمعرفة:
العلم في شرعنا الحنيف فريضة ، وطالبُ العلم ذو منزلة عظيمةً، ولهذا لا توقف في طلب العلم، بل هو مستمر من البداية إلى النهاية، وتُتحمل المشاقّ من أجله، وهذا التحمل جهاد (من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع) رواه الترمذي. (طلب العلم فريضة على كل مسلم) رواه ابن ماجه
ويقول المولى تعالى (وقل رب زدني علما) وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا كنت في قومٍ عشرين رجلاً أو أقل أو أكثر، فتصفحتَ وجوههم، فلم ترَ فيهم رجلاً يُهاب في الله، فاعلم أن الأمر قد رقّ) رواه أحمد وقال: حسن.
* التسامح والتغافر:
والمراد بالتسامح إجمالاً حسن معاملة غير المسلمين، وعنوان التسامح أمران:
أ- ﴿لا إكراه في الدين﴾.
ب- البر والقسط إليهم، ﴿لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبرّوهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين﴾.
ومفردات هذين العنوانين:
- لا نجادل إلا بالتي هي أحسن. (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا و إلهكم واحد و نحن له مسلمون).
-التعايش مع الآخرين بأريحية واحترام وضمان للحقوق، لهم ما لنا، وعليهم ما علينا، حمايةً ورعايةً، فهم مواطنون ونحن مواطنون. والمواطنة هي الصفة التي تربطنا ، وليس ثمة صفة أخرى: (دين أو عرقية أو...) نرتبط بها إلا المواطنة والأخوة الإنسانية.
ولابد من أتسود روح المغفرة فيما بيننا كمسلمين(والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين)
ويقول المصطفى عليه الصلاة والسلام :(ما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا وما تواضع احد لله إلا رفعه). *القيم الإنسانية السامية والأخلاق النبيلة:
الإسلام دين الأخلاق ويدعو كل من اتبعه إلى التحلي بالفضائل والى نبذ الرذائل،والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) رواه البخاري في الأدب المفرد ،ويقول أيضا (أحسن الناس إسلاما أحسنهم أخلاقا) وبالتالي كل ما يخدش أخلاقيات المجتمع مرفوض: كالكذب والظلم والغيبة والنميمة والسمة الأخلاقية السائدة: مجتمع طاهر نظيف يبتدئ من الفرد عناية به، ويتابع من الأسرة ليجعل منها لبنة صالحة ذات قوام أخلاقي، ويستمر متصفاً بالبر والرعاية، ومن أجل ذلك كله يسعى ليطبقَ أفرادُه: إفشاء السلام، والإحسان إلى الجار، ورعاية الآخر: (عيادة المريض، إغاثة الملهوف، الصلح بين الناس، إدخال السرور...) وهو في نفس الوقت: يؤيد ذلك كله بقانون عقاب صارم على المخالف، إذ لابد من مؤيدات دنيوية وأخروية ولا يكتفى بواحدة منهما دون الأخرى..
* مواكبة التقدم والتطور:
معالم التقدم هي:
- مواكبة العلم الحديث والأخذ بأسباب الرقي والتقدم فالإسلام دين يحض على العلم والأخذ به.
- حرية التدين والاعتقاد، فلا إكراه في الدين.
- المساواة بين الأجناس والأعراق والألوان: (لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا أسود على أحمر، إلا بالتقوى) رواه أحمد وقال: حسن. وإنما العبرة في المواطنة والكفاءة دون سواها.
- المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات ﴿فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض﴾، و: (إنما النساء شقائق الرجال) رواه أبو داود.
- العدالة المطلقة: دون أدنى محسوبيات أو مؤثرات عاطفية.
* ارتباط بالأصل واتصال بالعصر:
- لابد من مراعاة الواقع المعاش ولذلك اصطلح علماؤنا " أصول فقه الأقليات في بلاد الغرب"، و" العلاقات الإنسانية في ضوء الإسلام"، و" الوسطية بين واجب المواطنة في أوروبا وحفظ الهوية الإسلامية".
من خلال قول الله تبارك وتعالى : " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا" . وقوله: " يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء ". وقوله" لا إكراه في الدين". دون الانسلاخ عن الإسلام هوية وعنوانا إضافة إلى ذلك لا سبيل لحماية المجتمعات سوى الاعتصام بالوسطية منهجاً وسلوكاً ، وأن الإسلام لا يحتاج لمن يدافع عنه ولكن يحتاج لمن يحسن التعريف به و قيمة الوسطية ليست عرضية ولكنها ربانية أصيلة ومنهج قرآني متميز وهدى نبوي كريم نتعبد به لله كسائر باقي الشعائر ,ولابد من التأكيد على البعد الإنساني للدين وحرية الاعتقاد ، والمسلمون في أوروبا جزء لا .
- ضرورة مراعاة خصوصيات الوجود الإسلامي في أوروبا وما يقتضيه من نظر فقهي يأخذ بعين الاعتبار الاستقرار الذي آل إليه حال المسلمين في الغرب، وأنهم هم الموكول إليهم أمر رعاية دينهم في ظل مجتمعات غير إسلامية، مما يقتضي النظر إلى مشكلاتهم نظرة شاملة ترعى مصالحهم، وتحفظ هويتهم ، وأن يكون من بينهم من يعنى بالعلم الشرعي قياماً بفرض الكفاية فيهم. - أن الوفاء بمقتضيات المواطنة في أي دولة يقيم فيها المسلم لا يتعارض مع الحفاظ على الهوية الإسلامية ، وأن المسلمين في البلاد الغربية مدعوون إلى القيام بواجبات المواطنة والمساهمة في حياة المجتمع في مختلف الميادين، وخدمة الصالح العام والمساهمة في أمن البلاد واستقرارها وازدهارها ، مع العمل على تفعيل ما تكفله لهم القوانين ومواثيق حقوق الإنسان من الحقوق بأنواعها كافة اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية.
- الاعتراف بأن التعددية والاختلاف بين البشر من سنن الله في خلقه، وأن الإسلام يدعو إلى التعارف والتعاون والتعايش ، مع احترام الخصوصيات الدينية والثقافية لجميع الشعوب والحضارات، وضرورة القبول بالآخر بعيداً عن هيمنة منظومة مركزية للقيم والمبادئ الإنسانية من منظور آحادي.
وأخيرا...
نحن نُنظِّر فهل من ساعة آتية نُحوِّل هذا الذي نقوله إلى واقع ؟ نرجو الله ونسأله ألا يكون كلامنا حجةً علينا ،لأننا ابتعدنا عن العمل والتطبيق والممارسة، فهل من ساعة آتية نطبق فيها ونعمل ؟ نسأل الله ذلك، وندعوكم أيها الأحبة إلى أن تفكروا بجد حتى تُتبعوا القولَ العمل، وحتى تقرنوا القول العمل معاً.
اقرؤوا أيضا...
|
2009.08.27 رمضان بداية التغيير .. خطوات عملية |
|
2009.08.23 الوسطية منهج حياة |
|
2009.08.20 مسألة دخول رمضان في أوكرانيا .. جمعا للكلمة ونبذا للخلاف |