مجلس مسلمي أوكرانيا

واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا...

رمضان بداية التغيير .. خطوات عملية

2009.08.27 / 1581

بقلم: محمود القلعاوي

عدد غير قليل من الناس مقيدون بسلاسل المعصية، وكثيرون أسرى لعادات سيئة يعلمون ضررها ويدركون خطرها ولكنهم يظلون في أسْرِها وقد استولت عليهم عاداتك، وأحاطت بهم العوائق، ووهت عزائمهم، وضعفت إرادتهم لأنه كما هو معلوم أن للعادات سلطاناً على النفوس، وهيمنة على القلوب، وهي تتركز في الإنسان فتصبح كأنها طبيعة من طبائعه، لا يستطيع التخلص منها ولا يقدر على مفارقتها، والتخلص من العادات السيئة أساسه قوة الإرادة، وها هي مدرسة الإرادات تبدأ، مدرسة رمضان، مدرسة التربية القرآنية، يتدرب بها المسلم المؤمن على تقوية الإرادة في الوقوف عند حدود ربه في كل شيء، والتسليم لحكمه في كل شيء، وتنفيذ أوامره وشريعته في كل شيء، والصوم مجال تقرير الإرادة العازمة الجازمة، ومجال اتصال الإنسان بربه اتصال طاعة وانقياد، كما أنه مجال الاستعلاء على ضرورات الجسد كلها، واحتمال ضغطها وثقلها، إيثاراً لما عند الله من الرضي والمتاع.

فالصوم إذن فرصة ذهبية للتخلص من العادات الرديئة، وإليك إيضاح العوامل التي تعين على ذلك:

1- طول مدة التغيير:

فقد أكد علماء النفس أن التغيير يتحقق بالتكرار من 6 إلى 21 مرة، مع تخيل النجاح والاسترخاء والاقتناع بالنجاح ثم الإقدام على الفعل، ومثال ذلك: كي يتغلب شخص على الخجل ويتجرأ في المواجهة عليه أن يقوم بتمارين الاسترخاء مرارا حتى يتقنه، ثم يتخيل نفسه مرات ومرات وهو يتصرف بجراءة،  ثم يطبق هذا الخيال مرات ومرات من 6 إلى 21 مرة، وإن لم ينجح مرة وأصابه الخجل ما في مشكلة يبدأ من جديد، وإذا حقق نجاح باستمرار من 6 إلى 21 يكون فعلا قد قضى على المشكلة، ورمضان تكرار 30 مرة بلا انقطاع، فالصائم يلزم بحكم الشرع وبحرصه على الطاعة يترك عوائده وذلك لمدة ثلاثين يوماً، وهي مدة كافية، إذا صدقت نية التغيير.

2- الإنجاز:

فالصائم يحقق إنجازاً كبيراً يدفعه على الثبات على التغيير، فثلاثين يوماً من  صيام النهار وقيام الليل وصلاة التراويح وتلاوة القرآن والذكر والصدقة، وترك المعاصي والمحرمات، ثم ترتفع الهمة في العشر الأواخر، يا له من إنجاز عظيم يدفعنا إلى الثبات على التغيير.

3- شمول نواحي التغيير:

فإن الصائم يغير في رمضان مواعيد نومه واستيقاظه وأوقات طعامه وشرابه، وطرائق شغل أوقاته، وترتيب أولوياته واهتماماته، بل حتى مشاعره وانفعالاته، وبالتالي فإن القدرة على التغيير تكون أكبر وأقوى.

4- التجديد ولخروج عن المألوف:

وكَسْر الرَّتابة (الروتين) في مواعيد النوم والأكل والخروج من البيت، والتجديد من أهم وسائل الإبداع، والخروج عن المألوف من الأمور الرئيسية للتغلب على القلق ويجمع العارفون في أمور الإبداع أن الإبداع خروج عن المألوف، وفي رمضان يخرج الإنسان عن روتين يومه فيتغير موعد أكله ونومه،ة ... إلخ.

أفكار عملية للتغيير

- استعن بالدعاء:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاث دعوات مستجابات، دعوة الصائم، ودعوة المظلوم، ودعوة المسافر) رواه البيهقي، فيمكنك أن تضع كل أهدافك في ورقة وتقول: اللهم حقق أهدافي التي في هذه الورقة.

- خطِّط لما تريد:

إذا فشلت في التخطيط فقد خططت للفشل، ولا بد أن تكون الخطة مكتوبة، وتُكتب بصيغة الإثبات مثل: (أريد أن أصلي الفجر في المسجد) أو (أريد أن ألبَس الحجاب) أو (أريد أن امتنع عن التدخين)، واحذر كتابتها بصيغة النفي مثل: (لا أريد كذا)، وقَلِّل من الأهداف فاختر المركَّز الأهم منها بحسب وضعك، فالتقدم مختلف بين شخص وآخر.

- اتخاذ القرار:

الإنسان القوي إنسان صاحب قرار، والتردد لا ينشأ نفوسا ضعيفة وحسب بل يأتي بأمراض نفسية وجسمانية، أغلب أمور حياتنا تعتمد على قرارات بسيطة، وكل ثانية عباره عن مجموعة قرارات مثل حركة يديك ورجليك.

اتخاذ القرار بقوة وإرادة، كلما جدد المسلم نيته وأسرع في اتخاذ القرار بذلك ثم قام بالإمساك وقت الإمساك والفطور وقت الفطور، كلما عود نفسه على اتخاذ القرار بسرعة واستمرارية حتى يتبرمج على اتخاذ القرار، والتغيير ما هو إلا قرار.

- أكد على رغبتك في التغيير:

بأن تخصِّص من وقتك جلسة للتعرف على أهمية ونتيجة كل هدف، وبذلك قد يتبين أولوية بعضها دون البعض الآخر.

- حَفِّظ عقلك الباطن ما تريد:

عقلك الباطن يعمل وفق الأمور الجلية الواضحة والروتين اليومي، لذا لابد أن تضع هدفاً واضحاً واجعله إيجابي فمن يكتب هدفه "لا أريد أن أقلق" مثلاً يكون هدفه غير واضح لذا يقوده عقله الباطن للقلق، لكن من يكتب هدفه "أريد أن أكون مطمئناً" عقله يعرف ما يريد، اقرأ خطتك المكتوبة يوميا خلال رمضان في بداية اليوم أو قبل نومك، وتخيل أنك حققت أهدافك هدفاً هدفا، حقق كل يوم شيئاً من خطتك ولو هدفاً واحداً.

- كُنْ جادًّا وقوِّم إنتاجك:

المؤمن لا يعرف العجز ولا اليأس فإن ثقته بالله؛ قال صلى الله عليه وسلم: (واستعن بالله ولا تعجز)، فكن طموحاً متفائلاً بالمستقبل، وأما ما مضى فتفقده بالتقويم والإيجابية، فإذ حققت أكثر من 50% فهذا جيد، فافرح ولا تنسَ أن تُكافئ نفسك واسجد شكراً لله تعالى، وإذا حققت أقل من 50% فحاول مرة أخرى وحدّد العقبات وطريقة تجاوزها، وإلى ربك فارغب.

وبذلك يكون رمضان محطة تجديد وتغيير.

 

   

أرقام وعناوين مقر المجلس في العاصمة كييف:
Dehtyarivska Str., 25-a, kyiv 04119
هاتف: 4909900-0038044
فاكس: 4909922-0038044
البريد الإلكتروني: info@muslims.in.ua

مواقع وصفحات صديقة: