"الإسلام ليس فلسفة، ولكنه منهاج حياة.. جاءني الإسلام متسللا كالنور إلى قلبي المظلم، ولكن ليبقى فيه إلى الأبد"، هذه مقولة شهيرة للمفكر الإسلامي محمد أسد، الذي يعتبره محللون من أبرز الشخصيات الإسلامية في القرن الماضي. وقد استذكرت هذه المقولة وأخريات غيرها في ندوة أقيمت بمدينة لفوف، مسقط رأس المفكر الإسلامي الراحل.
وكان أسد قد ولد في مدينة لفوف غرب أوكرانيا عام 1900 في أسرة يهودية، وكانت أوكرانيا في ذلك الوقت جزءا من الإمبراطورية النمساوية الهنجارية والتي امتدت مساحتها على 13 دولة وإقليم في قارة أوروبا.
ليوبولد فايس، هو الاسم الذي عرف به أسد قبل أن يعتنق الإسلام. وعاش هذا المفكر في دول عربية وإسلامية، ثم استقر في شبه القارة الهندية.
وشجع على إقامة دولة إسلامية مستقلة عن الهند، سميت لاحقا باكستان، التي حصل على جنسيتها، وتتقلد عدة مناصب فيها قبل التنحي عنها للتفرغ للكتابة، وكان آخرها منصب سفير باكستان لدى الأمم المتحدة في بداية خمسينيات القرن الماضي.
ندوة لفوف
انعقدت الندوة أمس وناقشت حياته وفكره، كواحد من أبرز الشخصيات العالمية المنحدرة من أصول أوكرانية، ومن أبرز المفكرين الإسلاميين في العالم. وحضر وشارك في فعاليات الندوة عدد من المستشرقين والمحللين وأساتذة الجامعات في الفلسفة والأديان، وممثلون عن عدة مؤسسات اجتماعية ودينية إسلامية في أوكرانيا.
ربط متحدثون في الندوة بين فكر أسد في القرن الماضي وانتشار الإسلام القائم حاليا في أوروبا والغرب.
وقال فياتشيسلاف شفيد المحلل والمستشار السابق للرئيس الأوكراني إن أهمية الندوة تأتي من كون أسد استشرف بفكره في منتصف القرن الماضي أن الإسلام سينتشر في أوروبا والغرب، وهذا ما تدل عليه مؤلفاته التي كتبها، مثل "الطريق إلى مكة" وغيره، فهي تخاطب العقلية الغربية غير المسلمة قبل غيرها.
وأوضح أن إهمال الغرب التعمق في هذا الفكر جعله اليوم يضطرب من ظاهرة انتشار الإسلام فيه.
إمكانية التعايش
وركز بعض المشاركين على شخصية أسد كمثال للشخصية المسلمة، مشيرين إلى إمكانية وأهمية التعايش والحوار بين الحضارات والديانات، خاصة أنه انحدر من أصول غربية يهودية، وعاش معظم حياته في دول عربية وإسلامية كمسلم.
وقال مفتي الإدارة الدينية لمسلمي أوكرانيا سعيد إسماعيلوف إن محمد أسد كان يميز في كتاباته بين حقيقة الإسلام وواقع المسلمين وأنظمتهم الحاكمة.
وأوضح إسماعيلوف -في حديث للجزيرة نت- إن أسد كان من المنتقدين لذلك الواقع، ولهذا كان يكرس نفسه للفكر والسياسة خدمة للإسلام والتعريف به، خاصة في عمله الدبلوماسي كسفير.
وقال المستشرق ياريما بولوتنيوك للجزيرة نت إن دراسة حياة أسد ضرورية لكل باحث ومستشرق، ففيها إمكانية فهم الإسلام والمسلمين، وحياته نموذج فريد للتعايش، فهو غربي الجنسية في الأصل، منخرط في عالم و"ديانة شرقية" ومحب لها.
يذكر أن أسد ألف عدة كتب منها "منهاج الإسلام في الحكم"، و"الطريق إلى مكة"، كما ترجم القرآن إلى الإنجليزية، وكان كثير الانتقاد لليهود، خاصة عندما انتقل في صغره للعيش في القدس، حيث درس الإسلام واقتنع به، وقد توفي في عام 1992 بإسبانيا ودفن في مدينة غرناطة.
الخبر كما ورد على موقع الجزيرة نت (هنا)