حافظ مسلمو دول رابطة الدول المستقلة على هويتهم الإسلامية، رغم محاولات النظام السوفياتي السابق الذي كان يتحكم في المنطقة القضاء على مظاهر التدين بهدف نشر فكره الشيوعي ونظامه الاشتراكي على الجميع.
ويقول الرحالة الشهير ابن بطوطة إنه لمس اهتماما كبيرا بالعلم والعلماء وحفظة القران والفقهاء، في زياراته لبعض المناطق التي كانت خاضعة لنفوذ المسلمين في القرن الرابع عشر، كإقليم شبه جزيرة القرم جنوب أوكرانيا ودول شرق آسيا.
ويذكر أن معظم الدول التي كانت خاضعة للنفوذ السوفياتي في القرن الماضي تنضوي حاليا تحت لواء ما يعرف برابطة الدول المستقلة.
ويقول الدكتور أمين القاسم، الباحث في تاريخ إقليم شبه جزيرة القرم جنوب أوكرانيا إن النظام السوفياتي دمر معظم مساجد ومؤسسات ومدارس الإقليم الذي كان تابعا للتتار المسلمين ومنعهم من ممارسة تعاليم دينهم.
تدمير وتهجير
وكشف القاسم للجزيرة نت أن النظام السوفياتي الذي قام بتهجير التتار المسلمين قسرا إلى دول شرق آسيا وشمال روسيا في 1944، أحرق ودمر كل ما اقتناه وخبأه المسلمون من مصاحف وكتب دينية، وأعدم جميع العلماء والحفظة ومعظم الأئمة ضمانا لعدم عودة الدين إلى حياتهم.
وقال إن التتار شكلوا في بلاد المهجر تجمعات أشبه بالمخيمات الخاصة بهم، فحفظوا بذلك بعضا من عاداتهم وتقاليدهم ومظاهر حياتهم الإسلامية كالصيام والصلاة وطريقة الأعراس، ولو أن ذلك كان يتم في السر.
وبدوره أكد إقبال شريبوف، وهو حافظ للقرآن من طاجكستان، أن الآباء والأجداد حكوا للأحفاد في بلده ما كان يقوم به النظام السوفياتي من قتل وحبس وتعذيب في صفوف العلماء والحفظة، حرصا على انتشار أفكاره.
من جانبه، قال الشيخ عبد الرحمن العوضي، رئيس لجنة مسلمي آسيا في الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية بدولة الكويت -التي رعت قبل أيام مسابقة الشيخ عبد الله المبارك الصباح الدولية للقرآن الكريم بين حفظة رابطة الدول المستقلة-، للجزيرة نت إن الهيئة لمست إقبالا كبيرا من قبل مسلمي هذه الدول على دفع الأبناء لتحفيظ الأبناء القرآن الكريم وتعليمهم العلم الشرعي الديني.
ولا توجد أرقام دقيقة عن عدد حفظة القرآن الكريم في دول رابطة الدول المستقلة، لأن مراكز التحفيظ كثيرة وليست معظمها حكومية كما لا توجد أرقام حول أعداد الحفظة الذين قتلوا في القرن الماضي، مثلما يؤكد الدكتور العوضي.
ويذكر أن الهيئة الخيرية الكويتية التي شارك في مسابقتها لهذا العام 35 متسابقا، تهتم بتنظيم مسابقة سنوية لمسلمي رابطة الدول المستقلة منذ 18 عاما.
غرابة وطرافة
ويتبع الكثير من مسلمي دول رابطة الدول المستقلة أساليب مختلفة لتحفيز ودفع أبنائهم إلى حفظ القرآن وتلقي العلم الشرعي، وهي لا تخلو من الغرابة والطرافة.
ويقول للجزيرة نت يعقوب رفشانوف، وهو حافظ من قرغيزيا (16 عاما) إن من يحفظ القرآن في قرغيزيا كاملا يلبس قبعة أشبه بالتاج، دلالة على أنه حافظ، وهو ما يفرض على الناظرين حبه واحترامه وتقديره.
ويكشف الحافظ إقبال شريبوف من طاجكستان أن بعض الأهالي يتركون أبناءهم في مراكز ومدارس للتحفيظ بعيدة عن مدنهم وقراهم ولفترات طويلة قد تتجاوز ثلاث سنوات، بهدف تركيز الأبناء على الحفظ والتعلم.
ويقول زكريا بوخانوف من جمهورية تتارستان وسط روسيا، إن بعض الآباء يدفعون رشا تصل إلى 600 دولار لقبول أبنائهم في مدارس التحفيظ إذا كانت أعمارهم قد تجاوزت السن المطلوبة في المدارس (تحت 10 سنوات).
الخبر كما ورد على موقع الجزيرة نت (هنا)