صفوان جولاق – كييف
كثيرة هي ومنتشرة النشاطات الإسلامية، التي تركز على التعريف بالإسلام وتعزيز الانتماء إليه مثلا، لكن العاصمة كييف شهدت يوم الأمس نشاطا إسلاميا مختلفا، هدفه التعريف بالثقافة الأوكرانية، وتعزيز الانتماء إليها إلى جانب الإسلام، دون الانسلاخ عنها.
المركز الثقافي الإسلامي بالعاصمة كييف شهد يوم الأمس "يوما للثقافة الأوكرانية"، نظمته جمعية "مريم" النسائية، جذب العشرات من المسلمات وغيرهن في العاصمة، التي يقدر عدد المسلمين فيها بنحو 70 ألفا.
فعاليات هذا اليوم تضمنت محاضرة عن "الثقافة والعادات الأوكرانية الأصيلة"، كان اللافت فيها كثرة نقاط التلاقي والتشابه بينها وبين نظيراتها الشرقية والإسلامية، خاصة بالنسبة لأقوام مسلمة عاشت ولا تزال تعيش قرب أوكرانيا أو فيها، كتتار القرم.
تشابه في العادات ونظام الحياة الأسرية وأساليب الطهي والأكلات الشعبية، وببعض طرق الاحتفال أثناء الأعراس مثلا، وحتى في الملبس، الأمر الذي لا يمكن أن يتخيله من يرى الفرق الحاضر بين حياة الأوكرانيين والمسلمين.
سوزانا إسلاموفا قالت لنا إن من أهداف هذا النشاط تعريف غير المسلمات بالإسلام، وإن بصورة غير مباشر، وكذلك تعريف المسلمات غير الأوكرانيات بالثقافة الأوكرانية، مشيرة إلى وجود كثير من المسلمات اللواتي قدمن من بلدان أخرى، كروسيا وأوزباكستان وأذربيجان وبعض الدول العربية.
تعريف وتوعية
التعريف بالثقافات وسيلة ناجعة للتعارف والتفاهم، ولإيجاد الأمور المشتركة التي تعزز التعايش وتحفظ المجتمع، برأي إسلاموفا، التي قالت: "نظمنا يوما للثقافة العربية قبل مدة، واليوم استعرضنا الثقافة الأوكرانية الأصيلة، التي تشبه إلى حد ما الثقافة الإسلامية".
ولفتت إلى مشكلة تواجه على ما يبدو بعض المسلمات الجدد، فقالت: "على من تعتنق الإسلام ألا تنسى والديها وتتخلى عن ثقافتها، لأنها لا تتعارض مع كونها مسلمة. عليها أن تفخر بثقافة بلادها، وتعتز بأنها تنتمي إلى الأمة الأوكرانية".
الصحفية المسلمة تتيانا يفلويفا جاءت بلباس شعبي أوكراني، وبغطاء لا يشبه الحجاب المعروف، لكنه يغطي الرأس، وقالت "من اطلع على التاريخ، يعرف أن الزي الشعبي الأوكراني لا يختلف كثيرا عن الزي الإسلامي، ففيه غطاء الرأس الذي نسميه حجابا، ومن يدعي أن الزي الإسلامي بعيد عن هويتنا الأوكرانية مخطأ، وليس مطلعا على ذلك التاريخ".
واعتبرت يفلويفا أن أنه هذه النشاطات تؤكد على أن الأوكرانية المسلمة يجب أن تعتز بهويتها وثقافتها الأوكرانية، حتى وإن اختارت لنفسها طريقا دينيا مختلفا عن الدين المسيحي السائد.
وتابعت: "هذه النشاطات تؤكد على افتخارنا بهويتنا الأوكرانية كمسلمات، وتدحض الكثير من الأفكار الخاطئة في هذا الإطار، المنتشرة بين المسلمات وغيرهن في المجتمع".
الوحدة والوطنية
وإلى جانب ما سبق، شددت بعض المشاركات على أهمية هذا النوع من النشاطات "لتعزيز الروح الوطنية ووحدة أطياف المجتمع العرقية والدينية"، وهذا حديث العامة والخاصة في أوكرانيا اليوم، في ظل الأزمة التي تمر بها البلاد.
مارينا بورماكا رئيسة مركز التنمية الاجتماعية بالعاصمة كييف، قالت لنا: "نحن بحاجة ماسة إلى مثل هذه الفعاليات التي توحدنا. النساء المسلمات تحدثن بشكل مؤثر عن الثقافة والعادات الأوكرانية، وهذه نشاطات تجمعنا بدل الفعاليات السياسية التي تفرقنا".
وأضافت: "علينا أن نعيش معا الأمل بالسلام، علينا أن نعلم أن أوكرانيا وطن موحد لنا، بغض النظر عن اختلاف دياناتنا والأماكن التي ولدنا فيها".
وختمت بالقول: "شعرنا بهذه الوحدة بصورة رائعة، وشاهدنا كيف أن المسلمات الأوكرانيات يتقن طبخ المأكولات الأوكرانية، وحياكة الثياب الشعبية. كل هذا يدعم الوحدة والتعايش في أوكرانيا".