شاء القدر للسيدة إلفيرا أن تقضي رمضان الحالي في مركز بضواحي العاصمة كييف خصص للنازحين من جنوب وشرق أوكرانيا شأنها شأن عشرات الأسر التترية التي رحلت رافضة العيش تحت "الاحتلال الروسي" لإقليم شبه جزيرة القرم، كما يصفونه.
وتتحدث إلفيرا بحرقة عن رمضان، فتقول للجزيرة نت إن أكثر ما يؤلمها غياب أجوائه وعاداته عنها وعن أطفالها الثلاثة، فلا زيارات ولا إفطارات جماعية أسرية كما كان معتادا، ولا مسجد قريبا لصلاة القيام.
وتضيف "نحن في غربة عن أرضنا، نريد العودة إلى القرم لتعود حياتنا إلى طبيعتها، لكننا نتمنى أن يعود سريعا إلى أوكرانيا، فروسيا ستضطهدنا عاجلا أم آجلا".
صعوبات
وما إلفيرا في الحقيقة إلا نموذج لما يعانيه مسلمو أوكرانيا من صعوبات في هذا الشهر الفضيل وفي ظل الأزمة الأوكرانية المستمرة منذ شهور، وخاصة في مدن وقرى شرق أوكرانيا الآن، حيث تجري المواجهات المسلحة بين القوات الأوكرانية والمسلحين الانفصاليين.
وعن هذه الصعوبات، تحدث مفتي الإدارة الدينية لمسلمي أوكرانيا "أمة" سعيد إسماعيلوف، فقال للجزيرة نت "بسبب الأوضاع الأمنية ألغيت الكثير من البرامج الرمضانية في المراكز الإسلامية ومساجد مدن وقرى منطقتي دونيتسك ولوهانسك، لأن بعض أحيائها تحولت إلى مواقع تمركز للانفصاليين، وقطعت أوصالها بحواجز التفتيش".
وإلى جانب إلغاء البرامج، قال إسماعيلوف إن بعض المساجد أغلقت تماما خوفا على المسلمين، الذين أعلنوا رفضهم لضم القرم إلى روسيا وانفصال الشرق عن أوكرانيا.
وأشار إسماعيلوف إلى أن مسلمي القرم جنوبا يعانون من غلاء الأسعار وشح بعض المواد الغذائية التي انقطعت بعد ضم القرم، وكذلك من فارق التوقيت، بعد أن صار العمل بتوقيت موسكو، حيث تقام صلاة التراويح بعد منتصف الليل مثلا، ناهيك عن تولد الخوف لدى الكثيرين بعد اقتحام مركز ديني والاعتداء على أحد المساجد مؤخرا.
شعار رمضان
واللافت في ظل ما سبق شعار "الوحدة والسلام" رفعته كبريات المؤسسات الإسلامية في رمضان بأوكرانيا، وبرامج ونشاطات عديدة نظمت في المناطق الآمنة لتحقيقه.
ممثل الإدارة الدينية لمسلمي القرم في العاصمة كييف رسيم درويشوف قال للجزيرة نت "إننا نشعر بالألم النفسي الذي يعاني منه مسلمو القرم وشرق أوكرانيا، ونستثمر رمضان للتأكيد على وحدتنا رغم بعد المسافات واختلاف الأوضاع، سائلين الله أن يعود الأمن والسلام والاستقرار قريبا إلى جميع مناطق أوكرانيا".
وعن برامج ونشاطات "الوحدة والسلام"، تحدث رئيس اتحاد المنظمات الاجتماعية "الرائد" د. باسل مرعي للجزيرة نت، فقال إنها تشمل زيارات ومساعدات لمراكز نزوح المسلمين وغيرهم، وتواصلا مع مؤسسات الدولة والمجتمع المدني للتعريف بما يعانونه خلال الشهر، وكذلك دعوات وابتهالات دائمة لهم ولأوكرانيا وللعالم الإسلامي.
يذكر أن تعداد مسلمي أوكرانيا يقدر بنحو مليونيْ نسمة من أصل نحو 45 مليونا، ويبلغ تعداد تتار القرم نحو 500 ألف نسمة، في حين يشكل تتار كازان شرقا نحو 100 ألف نسمة، أما الباقون فخليط من عدة أعراق وقوميات مسلمة عاشت واستقرت في أوكرانيا.
المادة كما وردت عى موقع "الجزيرة نت (هنا)