مجلس مسلمي أوكرانيا

واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا...

صفات الداعية النفسية (التفاؤل)

2013.03.27 / 2466

التفاؤل قوة نفسية إيجابية فعالة، ينظر صاحبها إلى الغد بابتسامة أمل ويسير إلى الغاية المرجوة بروح القائد الشجاع وبنفسية العزيز المنتصر، دون أن يعتريه يأس أو يستحوذ عليه قنوط...

صحيح أن للاستعمار وسائله وأساليبه في إخراج المسلم من الإسلام وإدخاله في تيار اللادينية والإباحية، وصحيح أن الشيوعية العالمية لها مخططها الأكبر في تحلل الجيل المسلم وإفساد خلقه وعقيدته وصحيح أن اليهودية العالمية لها مخططاتها وأساليبها في القضاء على الديانات والسيطرة على العالم العربي والإسلامي، وصحيح أن الدول الكبيرة في العالم سواء أكانت شرقية أو غربية تعمل جاهدة لتقوية إسرائيل وتحرص على وجودها لغايات سياسية وأهداف اقتصادية ومصالح ذاتية وصحيح أن التآمر على الإسلام وأهله بلغ هذا الحد الكبير والمدى الواسع ولكن ينبغي على المسلم ولا سيما الداعية أن لا يتملكه القنوط في بناء العزة وأن لا يستحوذ عليه اليأس في تحقيق النصر.

والداعية إلى الله هو أولي بأن يتحلى بالأمل لانتصار دعوته هو أحق بأن يتصف بالتفاؤل لإعزاز دينه، لماذا؟

* لأن القرآن الكريم حزم اليـأس وندد باليائسين ...

* ولأن التاريخ برهن له على انتفاضات المم مما أصابها

* ولأن الرسول عليه الصلاة والسلام بشر أمة الإسلام بالعز والسيادة ...

أما القرآن الكريم حرم اليأس وندد باليائسين

فلآيات الصريحة الواضحة:

ومن هذه الآيات ما تعتبر اليأس قرين الكفر قال تعالى في سورة يوسف : {ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون }.
ومن هذه الآيات ما تعتبر اليأس قرين الضلال قال تعالى في سورة الحجر: { قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون }.

ومن هذه الآيات تنديد بالإنسان اليائس وتقبيح لنفسه الخائرة وقلبه الهالع قال الله تعالى في سورة الروم : { وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها وان تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون }.

لقد سمى القرآن الكريم الزمرة اليائسة الميئسة بالمعوقين المثبطين قال تعالى في سورة الأحزاب : { قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا أشحة عليكم فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم وكان ذلك على الله يسيراً }.

إن هذه الطائفة اليائسة الميئسة عندما تتبنى هذه الوجهة من اليأس والقنوط إنما تدلل على هلاكها قبل كل شئ وليس على هلاك المسلمين ...

يقول عليه الصلاة والسلام : (( من قال هلك المسلمون فهو أهلكم )).

أما أن التاريخ برهن على انتفاضات الأمم مما أصابها من ذلة وهوان ....

فللشواهد التاريخية التالية :

أ- من كان يظن أن تقوم للإسلام قائمة بعد أن أستلم أبو بكر رضي الله عنه مقاليد الخلافة ففي هذا الوقت من خلافة أبي بكر عظم الخطب واشتد الحال ونجم النفاق وارتد من ارتد من أحياء العرب وظهر مدعو النبوة وامتنع قوم عن أداء الزكاة ولم يبق للجمعة مقام في بلد سوى مكة والمدينة واصبح المسلمون كما يقول عروة بن الزبير رضي الله عنه : (( كالغنم في الليلة المطيرة الشاتية لفقد نبيهم وقلة عددهم وكثرة عدوهم ..) حتى وجد من المسلمين من قال لأبي بكر رضي الله عنه : ((يا خليفة رسول الله : أغلق بابك والزم بيتك واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) أي الموت .

ولكن أبا بكر رضي الله عنه لم يعتره اليأس ولم يستحوذ عليه القنوط وإنما واجه هذه الأحداث الجسام كلها بإيمان راسخ وعزيمة ثابتة وتفاؤل عظيم ....

هو الذي للدنيا قولته الخالدة : ( أينقص الدين وأنا حي؟).

وهو الذي قال لعمر رضي الله عنه حين جاء يعاتبه حين جاء يعاتبه على قتال مانعي الزكاة :( مه يا عمر رجوت نصرتك وجئتني بخذلانك أجبار في الجاهلية وخوار في الإسلام ؟!! ماذا عسيت أن أتألفهم بسحر مفتعل أم بشعر يفتري ؟هيهات هيهات !! مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وانقطع الوحي فوالله لأجاهدنهم ما استمسك السيف في يدي فوالله لقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فوالله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلك لقاتلتهم عليه !!).

فقال عمر : ( ما هو إلا أن رأيت أن قد شرح الله صدر أبى بكر للقتال فعملت انه الحق ...) .

وهو الذي انفذ جيش أسامة رضي الله عنه وقال للمعارضين :( والذي نفس أبي بكر بيده لو ظننت أن السباع تخطفني لأنفذت بعث أسامة كما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو لم يبق في القرى غيري لأنفذته ما كنت أحل عقداً عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم بيديه ).
ولم يزل أبو بكر رضي الله عنه يخطط ويجاهد ويرسل البعوث ويسهر على مصالح الرعية حتى استطاع أن يتغلب على المصاعب وأن يقضى على الثورات و أن ينتصر على المرتدين ومدعي النبوة ومانعي الزكاة و مبطلى الصلاة وان يعيد للمسلمين عزتهم ولليائسين تفاؤلهم وللإسلام دولته وللخلافة هيبتها .....

وهكذا يصنع عظما الرجال وأقوياء الإيمان !!....

ب- من كان يظن أن تقوم للمسلمين قائمة لما استولى الصليبيون على كثير من البلاد الإسلامية والمسجد الأقصي ما يقارب قرناً من الزمان ؟ حتى ظن الكثير من مسلمين وغير المسلمين أن لا أمل في انتصار المسلمين على الصليبين وأن لا رجاء في رد أرض فلسطين مع المسجد الأقصى إلى حوزة المسلمين !!...

ومن كان يظن أن هذه البلاد ستتحرر في يوم ما على يد البطل المغوار (( صلاح الدين )) في معركة حطين الحاسمة ويصبح للمسلمين من الكيان والقوة والعزة والسيادة ...حقاً ما شرف التاريخ ؟!!.

وهكذا يصنع عظماء الرجال وأقوياء الإيمان !!.

إن التفاؤل بانتصار دين الله هو مقدمة الفوز والنصر وإن القوة المعنوية في كل أمة هي التي تدفع شبابها ورجالها إلى تحقيق المزيد من الانتصارات الخالدة في كل زمان ومكان ...والله سبحانه مع المتقين المخلصين المجاهدين الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر والحافظين لحدود الله ..{ ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين }.

* أما لأن الرسول صلى الله عليه وسلم بثر أمة الإسلام بالعزة والسيادة .....فلأحاديث التي حدث بها من لا ينطلق عن الهوى :

روى الشيخان وغيرهما عن الرسول صلى الله ليه وسلم أنه قال : ((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة )).

فهذه الأحاديث تدل دلالة قاطعة على وجود طائفة من المؤمنين ظاهرة على الحق حتى قيام الساعة وأن هذه الطائفة في صراع دائم مع الباطل وإذا خبا نور الحق يوماً فإنه لا بد من إشعاعه وانطلاقته مرة أخرى فمن ظلمات اليأس ينبثق نور الأمل ...ومن دياجير القنوط يبزغ فجر التفاؤل !..

وروى البخاري ومسلم غيرهما عن أبي أمامه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(( لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين ولعدوهم قاهرين لا يضرهم من جانبهم ولا ما أصابهم من البلاء حتى يأتي أمر الله وهم كذلك قالوا :يا رسول الله وأين هم ؟قال : بيت المقدس ))

وفي رواية البزار : عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( بينما أنا رأيت عمود الكتاب احتمل من تحت رأسي فظننت أنه مذهوب به فأتبعته بصري فعمد به إلى الشام ألا وإن الإيمان حين قع الفتن بالشام )).

وروى أحمد الترمذي عنه عليه الصلاة والسلام : (( طوبى للشام فإن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها )).

إذا كان اليأس أخي الداعية في دين الله حراماً ....

وإذا كان التاريخ اثبت صفحاته أن للأمم المغلوبة التي تتوق إلى المجد انتفاضات وانتصارات ...

وإذا كان الرسول صلى الله علي وسلم بشر في إخباراته أن أمة الإسلام مهما أصابها ضعف وتفكك ستبلغ قمة المجد وغاية القوة والسيادة .

إذا كان الأمر كذلك فلماذا يتملك الناس اليأس ويستحوذ عليهم القنوط ؟

ولماذا يعتري كثيراً من المسلمين لخوف وينتابهم الجبن ؟

فعليك أخي الداعية أن تصحح للناس المسار وأن تثبت فيهم روح الوعي والعزيمة والتفاؤل عسى أن ينهض المسلمون لبناء العزة وإقامة الوحدة وتحقيق الكيان من جديد وعندئذ يفرح المؤمنون بنصر الله من يشاء وهو العزيز الرحيم ....

تلكم أهم الصفات النفسية التي ينبغي أن يتحلى بها كل من يتصدى للدعوة ويقف مواقف التبليغ والإرشاد:

- فبالإيمان بالله يتحلون بالشجاعة والكرم ومراقبة الله وتتوق نفوسهم إلى الشهادة والجنة.....

- وبالإخلاص يترفعون عن المصالح والغايات ويقصدون بأعمالهم وجه اله سبحانه.....

- وبالجرأة يقولون الحق أينما كانوا لا يخشون في الله لومة لائم....

- وبالصبر يصبرون على البلاء ويثبتون عند اللقاء ويتجلدون أمام المكاره...

- وبالتفاؤل ينطلقون في ميادين الدعوة والجهاد بابتسامة أمل ونفسية عزيز دون أن يتملكهم يأس أو يستحوذ عليهم القنوط ....

فما أحوج المسلمين إلى الدعاة يتحلون:

بالإيمان الراسخ الذي لا يتزعزع ولا يلين...

وبالجرأة الصادعة بالحق التي لا تعرف الخوف ولا الوجل...

وبالصبر المستمر الدائب الذي لا يعرف الخور ولا الكلل...

وبالتفاؤل البسام لا يعرف اليأس ولا التراجع...

وفي الواقع ونفس الأمر أن هذه الصفات النفسية الخمسة هي من خصائص الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه ومن مزايا الدعاة الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله لأن أساس الإيمان القلب الذكي و أساس الإخلاص الفؤاد النقي و أساس الجرأة والشعور القوي و أساس الصبر الإرادة الفتنة وأساس التفاؤل النفس الطموحة...

 

   

أرقام وعناوين مقر المجلس في العاصمة كييف:
Dehtyarivska Str., 25-a, kyiv 04119
هاتف: 4909900-0038044
فاكس: 4909922-0038044
البريد الإلكتروني: info@muslims.in.ua

مواقع وصفحات صديقة: