يدرس نحو 5 آلاف طالب تتاري فقط في 13 مدرسة خاصة بالتتار المسلمين في إقليم شبه جزيرة القرم جنوب أوكرانيا، بينما يتوزع نحو 45 ألفا آخرين على باقي المدارس الحكومية والخاصة.
وتعاني المدارس التتارية أصلا من قلة الدعم والاهتمام الحكومي بمبانيها ومناهجها، الأمر الذي يجعل هاجس الحفاظ على اللغة والهوية حاضرا في حياة التتار، الذين يبلغ تعدادهم نحو 500 ألف نسمة، مشكلين نسبة 18% من إجمالي عدد سكان الإقليم.
حملات تبشيرية
إلا أن هذا الهاجس تحول إلى مخاوف حقيقية مع انتشار الحملات التبشيرية في الإقليم، واستهدافها مؤخرا فئة التتار، من خلال طباعة ونشر كتب تبشيرية (يهودية ومسيحية) باللغة التتارية، والقيام بالعديد من النشاطات الثقافية والترفيهية من مسابقات ورحلات للمئات منهم في الإقليم، معظمهم من الشباب.
وفي حديث مع الجزيرة نت قال مفتي الإدارة الدينية لمسلمي القرم الحاج أمير علي أبلاييف، إن جهات خارجية على رأسها بريطانيا وإيرلندا تدعم الحملات التي تستهدف التتار المسلمين في الإقليم.
وأضاف أن هذه الجهات تستغل قلة المؤسسات التعليمية والدينية التتارية، وجهل الكثير من التتار بأمور دينهم نتيجة حرمان الاتحاد السوفياتي السابق لهم من ممارسة تعاليم دينهم، وكذلك تهجيره القسري لهم ومصادرة أراضيهم وأملاكهم، مما سبب انتماء معظمهم إلى طبقات اجتماعية فقيرة بعد الاستقلال والعودة.
وأوضح أنه تمت طباعة 5 ملايين نسخة من عدة كتب تبشيرية مسيحية ويهودية باللغة التتارية، وتم توزيعها خلال الأيام القليلة الماضية على المدارس وأشهر محلات وأسواق بيع الكتب في الإقليم.
وقال أبلاييف "نحن كمسلمين لا نرفض المسيحية أو اليهودية كرها فيها، بل نحترمها ونحترم أتباعها، لكننا نرفض هذه الحملات لأنها تستغل واقع التتار، كما أنه من واجب المسلمين التمسك بعقيدتهم والكفاح دفاعا عن هويتهم وثقافتهم".
ضعف الإمكانيات
ورغم أن وزارة التربية والتعليم في حكومة إقليم شبه جزيرة القرم (ذي النظام الفدرالي شبه المستقل) أقرت نهاية عام 2009 حق الأقليات العرقية والدينية في تعليم أبنائها لغاتها وأديانها من خلال مناهج دراسية "اختيارية" خاصة بهم في المدارس، فإن القرار لم يدخل حيز التنفيذ بعد بالنسبة للتتار.
وفي هذا الصدد قال رئيس اللجنة الخاصة بإعداد مناهج تعليم التربية الإسلامية والثقافة واللغة التتارية حيدر خير الدينوف للجزيرة نت "أعددنا منهاجا دراسيا متكاملا بداية عام 2010، والوزارة وافقت عليه، لكن ضعف الإمكانيات المادية لا يزال حائلا دون طباعته وتوزيعه، لأنه منهاج اختياري لا يلزم الوزارة بدعمه".
ومن جهته قال د. محمد طه رئيس فرع اتحاد المنظمات الاجتماعية (الرائد) - أكبر مؤسسة تعنى بالأقليات المسلمة في أوكرانيا – إن "باقي الفئات العرقية والدينية في القرم تمكنت من إصدار وتداول مناهجها بسرعة لأن أطرافا داخلية وخارجية كثيرة تدعمها".
وأضاف طه - وهو عضو لجنة المناهج - "نحن بدورنا نسعى إلى تأمين تبرعات لطباعة وتوزيع 50 ألف نسخة من المنهاج المعتمد بصورة عاجلة تسد الفراغ وتدعم الحفاظ على هوية التتار".
الخبر كما ورد على موقع الجزيرة نت (هنا)