أنت هنا
إضافة تعليق
بالإضافة إلى جملة من النشاطات التعبدية الإيمانية، وأخرى خيرية إغاثية ترتبط بالشهر الفضيل، تحتل البرامج الثقافية و"النشاطات التوعوية" جزءا رئيسيا من أجواء مسلمي أوكرانيا خلال أيام وليالي شهر رمضان المبارك.
حول هذا الأمر تحدثنا مع عدد من رموز العمل الإسلامي في شتى أرجاء أوكرانيا، من رؤساء مؤسسات وأئمة ودعاة، وكذلك مع مديري مدارس تعليمية خاصة بأبناء العرب والمسلمين.
زاد الجميع
يقول أ. سيران عريفوف رئيس اتحاد المنظمات الاجتماعية "الرائد"، الذي يعتبر أبرز مؤسسة تعنى بشؤون العرب والمسلمين في البلاد منذ 24 عاما: "كما كان السلف الصالح، ننتظر رمضان لنشحذ الهمم، ونعين النفوس -قدر الإمكان- على حمل زاد رمضاني يكفيهم أطول فترة ممكنة بعد انقضاء الشهر".
وأوضح متابعا: "من خلال الخطب، والدروس، والمواعظ، والحلقات، والزيارات، وجلسات السمر، وغيرها، المباشرة وعبر الإنترنت، نسعى إلى انتشال كثيرين من حال إلى حال أفضل، يكونون فيه مواظبين على الصلاة لأهميتها، وعلى القرآن، وعلى حب الخير وخير العمل، وكذلك على التمسك بالدين والهوية والمقدسات عموما".
وأضاف: "هذا يكون مقدمة لتغيير جذري يحدث في حياة من تخرج متفوقا من مدرسة رمضان، ينعكس تغييرا نحو الأفضل، على حجم عمله وطبيعة تعاملاته، وعلى حياته وحياة من حوله، من مسلمين وغيرهم".
التغيير في رمضان
ولأن شهر رمضان المبارك خير أرض تزرع فيها بذور التغيير والإصلاح، تبرز خلاله نشاطات وفعاليات بعيدة نظريا عن أجوائه، لكنها جزء أساسي منه كمفهوم أوسع من النظرة التقليدية، التي تعتبره شهر صيام وعبادة فقط، بحسب مسلمي أوكرانيا.
يقول الشيخ مراد سليمانوف، وهو رئيس الهيئة الأوكرانية لتعليم القرآن الكريم، وإمام مركز "محمد أسد" الثقافي الإسلامي في مدينة لفيف غرب أوكرانيا: "نظمنا مؤخرا محاضرة ألقاها على مسامع مسلمي أوكرانيا فضيلة الشيخ د. طارق السويدان، وقد تستغربون، لأن فضيلة الشيخ متخصص في شؤون التاريخ والإدارة، وإن كان كل ذلك من وجهة نظر إسلامية".
وأوضح: "المحاضرة التي ألقاها الشيخ دارت دول "التغيير في رمضان"، وهذا معنى مهم جدا يغفل عنه الكثيرون، فالتقوى التي يريد الله أن نحققها من رمضان، تشمل إدارة الحياة والسلوكيات، وتقويم النفوس وإصلاح الأخطاء، وصولا إلى الشخصية المسلمة المثلى التي يريدها الله ورسوله لعباده.
رمضان الأطفال
ولأنهم رأس مال المستقبل في المجتمع والأمة، تركز المؤسسات والمراكز والجمعيات والمساجد على أبناء المسلمين خلال الشهر الكريم، وتبرز في هذا المجال بأوكرانيا مدارس "مستقبلنا" النموذجية الخاصة بهم.
تقول رسلانا أفضل - مديرة مدرسة "مستقبلنا" في العاصمة كييف: "الجانب التوعي من عمل المدرس يختلف بحسب الفئات العمرية أو الصفوف، فقد يركز على فعل الخير ومساعدة الأهل والمحتاجين لمن لا يقدرون على الصيام بعد، ثم يتعدى هذا الإطار إلى الحفاظ على برنامج خيري إيماني فردي خاص، تساعد المدرسة على بنائه ومتابعته، بعد أن يفهم الطالب جيدا حقيقة وعظم معانيه".
وأضاف: "هذا يشمل -على سبيل المثال- الصلاة وقراءة القرآن بتدبر، إضافة إلى التصدق بثبات، والتفكر في عظم النعم المحيطة بنا، والمشاركة في أي عمل أو نشاط خير يعود بالفائدة والنفع على البيت أو المدرسة أو الحي أو حتى المجتمع".
رمضان وغير المسلمين
ولأن شهر رمضان المبارك حدث يشد اهتمام غير المسلمين أيضا، ويعتبر كثيرون منهم أنه "عيد"، تقبل شريحة واسعة منهم خلاله للسؤال والاستفسار، ومعرفة أوجه الاختلاف بين وبين أشهر وفترات في الديانات الأخرى.
حول هذا الموضوع حديث الشيخ سعيد إسماعيلوف مفتي الإدارة الدينية لمسلمي أوكرانيا "أمّة"، فقال: "قد يستغرب الكثيرون طبيعة صيام المسلمين، لكن الاستغراب يتحول إلى إعجاب عادة بعد سماع الحديث عن العبر والفوائد من صيام الجسم عن الطعام والشراب، وصيام النفس عن المعاصي والذنوب".
وقال أيضا: "الأمر ليس اهتماما متزايدة بقدر ما هو بركة رمضانية نلمسها سنويا. نعم، يزيد الإقبال خلال الشهر، لكن أجوائه هي التي تلين القلوب قبل الكلمات، وتدفع العشرات سنويا لاعتناق الإسلام، وخلال رمضان تحديدا".
وأوضح: "جائحة كورونا حالت دون تنظيم الكثير من الفعاليات الجماعية، ودون الاتصال المباشر مع كثيرين، ولكن بركة الشهر مستمرة -بفضل الله-، ولم نشعر أن أعداد المقبلين قلت عن ذي قبل، بل ربما زادت".
وهنا يضيف الداعية طارق سرحان، مسؤول لجنة التعريف بالإسلام في المركز الثقافي الإسلامي بالعاصمة كييف: "رمضان -بشكل عام- أفضل فترة للدعوة إلى الله، وأعتقد أن من العوامل المؤثرة في ذلك، إضافة إلى الشهر بحذ ذاته وما يحويه من أجواء وروحانيات خاصة، التزام المسلمين وتحسن معاملاتهم خشية الوقوع في الذنوب".
ويقول مؤكدا: "التعامل الحسن خير داعية لخير دعوى أراد الله أن تكون هدى ورحمة للعالمين…".
أوكرانيا برس