أنت هنا
إضافة تعليق
أ. سيران عريفوف - رئيس اتحاد المنظمات الاجتماعية "الرائد" في أوكرانيا
يحز في النفس أن تمر سنة ثانية ورمضان آخر وخير دولة الكويت منقطع عن مسلمي أوكرانيا، وهي التي كانت رائدة في مجال دعم العمل الثقافي الإسلامي والخيري الإغاثي والحضاري منذ أعوام طويلة.
نعم، باب الله مفتوح دائما، وسفارات ومنظمات عربية ومسلمة ساهمت بسد جزء من فراغ، لكن هذا لا يمنع غصة في القلب، خاصة وأن للكويت فضل كبير على أجيال من مسلمي أوكرانيا، نشأت متمسكة بالاعتدال والمواطنة وحب الأمة.
فضل الكويت
منذ استقلال أوكرانيا، وبالتعاون والشراكة مع اتحاد المنظمات الاجتماعية "الرائد"، دعمت معظم مؤسسات ووزارات دولة الكويت آلاف المحتاجين، وعشرات المشاريع الخيرية، خدمة للمسلمين وغيرهم في أرجاء البلاد.
على مدار أكثر من 20 عاما من عمر الاتحاد، بنت الكويت وافتتحت 34 مسجدا، و5 مراكز ثقافية إسلامية وتخصصية، ووزعت على فقراء المسلمين وأراملهم نحو 500 بيت بلاستيكي، و350 بقرة حلوب، و125 ماكينة خياطة، كما حفرت 75 بئرا في القرى النائية، ورممت 50 بيتا من بيوت الفقراء والأيتام.
وعلى مدار أكثر من 20 عاما أيضا، كفلت الكويت "سنويا" نحو 2500 يتيم في عموم أرجاء أوكرانيا، ووزعت نحو 1000 طرد غذائي رمضاني، ومئات الأضاحي، كما وزعت كسوة الشتاء وحقائب مدرسية سنويا كذلك على مئات التلاميذ والأيتام.
وفي المجال الثقافي، افتتحت الكويت مدرستين نموذجيتين لأبناء المسلمين في كييف وخاركيف، ودعمت طباعة وتوزيع 20 ألف نسخة من منهج الثقافة الإسلامية للمدارس القرمية التترية، كما دعمت ترجمة وطباعة أكثر من 100 ألف كتاب، من بينها ترجمة القرآن الكريم والسيرة النبوية.
ودعمت الكويت أيضا دورات ومخيمات وابتعاثات سنوية، استهدفت المسلمين الجدد، والأيتام، والدعاة، إضافة إلى دعم مئات المشاريع الدعوية، ومشاريع تعليم القرآن الكريم؛ ونظمت -بالتعاون مع "الرائد"- مسابقة قرآنية دولية على روح المغفور له الشيخ عبد الله المبارك الصباح، وعشرات المسابقات القرآنية المحلية.
وعلى صعيد التواصل الحضاري، دعمت الكويت 65 منشطا في إطار حملة "رحمة للعالمين" التعريفية السنوية، ودعمت كذلك تنظيم 50 طاولة حوار مستديرة، و25 مؤتمرا علميا.
من، وما السبب؟
بكل أسف، توقف كل هذا الزخم من العطاء في نهاية 2018، التي شهدت عملية تفتيش داخل المركز الثقافي الإسلامي بالعاصمة كييف، تبين سريعا أنها عملية موجهة من قبل أطراف عربية، ومنافسين غير شرفاء.
لم يعر الإعلام المحلي الأمر أي اهتمام، وانتهت القضية من حيث بدأت بلاشيء ضدنا أو علينا، وبلا قرار محكمة أو مخالفة أو غرامة أو حتى تنبيه، فصفحتنا شفافة دوما، مع مؤسسات الدولة والشركاء والعامة.
بحجة هذه الحادثة، واستنادا إلى مقال تحريضي مأجور نشر (باللغة العربية)، بنى السفير الكويتي قرارا بوقف التعامل مع "الرائد"، وأرسل تقريرا حول هذا الشأن إلى فريق العمل الإنساني بوزارة الخارجية الكويتية.
في تقريره، أوصى بوقف التعامل مع مؤسسة "الرائد" العريقة؛ وردّ الأمر إلى "توصيات" وزارات وشخصيات أوكرانية، تبين سريعا ألا دخل لها، لا من قريب ولا من بعيد؛ بشهادة الوثائق التي حصلنا عليها.
زرته عدة مرات، لكنه تجاهل كل محاولات الإقناع، وكل وثائق الإثبات الحكومية، مصرا على موقف شخصي على الأرجح، لا يدرك أن سمعة "الرائد" وصيته العطر يذكر بالتقدير في الكويت، تماما كما يذكر في أوكرانيا.
مخالفا نهج الكويت (على عكس من سبقه)، وللأسف الشديد، أثّر سلبا على صورة العمل الخيري الإنساني في أوكرانيا، التي كانت ولا تزال مثالا يحتذى به في كل أوروبا والعالم، وبقصد أو بدون قصد، حُرم آلاف المسلمين من خيرات الكويت، أكثر دولة دعمتهم ووقفت إلى جانبهم.
لا أبالغ أبدا إذا قلت إن خير الكويت دخل إلى كل بيوت المسلمين في أوكرانيا على مدار عشرين عاما...
ومع ذلك، كلنا أمل يبقى في الضمير الحي والصوت المسموع بدولة الكويت - دولة قائد الإنسانية وحضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه، والشعب الكويتي الطيب الخيّر...