أنت هنا
إضافة تعليق
يؤكد المؤرخون في كتبهم أن دخول الإسلام إلى أوكرانيا يرجع إلى النصف الأول من القرن العاشر الميلادي، عندما كان الرحالة والتجار المسلمون يأتون إليها ويمرون عبر أراضيها ويتعاملون مع سكانها وفق المبادئ والأخلاق والقيم التي حث عليها ورسخها دين الإسلام فيهم، كما يؤكدون أن عدد سكانها المسلمين تجاوز الخمسة ملايين نسمة، ومعظمهم من التتار المنحدرين من أصول تركية، الذين سكنوا إقليم شبه جزيرة القرم في الجنوب منها.
ويؤكد المؤرخون أيضا أن الإقليم كان ولمدة تزيد على 200 عام ولاية إسلامية ذات هيبة وسيادة تتبع لدولة الخلافة العثمانية في أجزائها الشمالية، لكن روسيا تمكنت في العام 1736 ميلادية من الإطاحة بنظام حكمها الإسلامي، وحرقت ودمرت أجزاء واسعة من مبانيها ومساجدها وكتبها.
ثم جاء النظام السوفييتي ليمنع مسلمي القرم وباقي الأقاليم من ممارسة تعاليم دينهم، وهجر مئات الآلاف من تتار القرم في العام 1944 إلى دول شرق آسيا قسرا بعد أن صادر أراضيهم وأملاكهم وأحرق معظم مساجدهم ومؤسساتهم التعليمية والدينية، الأمر الذي أدى إلى اندثار وضياع جزء كبير آخر من هويتهم كمسلمين.
وبعد أن استقلت أوكرانيا عن جسد الاتحاد السوفييتي المنهار في العام 1991 ميلادية بدأ التتار بالعودة ليبدأ بالمقابل مشوار المآسي التي خلفتها سنوات الإبعاد عن الوطن والحرمان من ممارسة تعاليم الدين، حيث يسكن معظمهم القرى النائية البعيدة عن المدن والخدمات، وينتمون إلى طبقات اجتماعية فقيرة، ناهيك عن معاناة استعادة الجنسية والأراضي والممتلكات، وكذلك غياب أو ندرة المحاضن الدينية والتعليمية الخاصة بهم كمسلمين كالمساجد والمدارس.
التأسيس
حمل مجموعة من الطلاب العرب والمسلمين الملتزمين الذي قدموا إلى أوكرانيا بهدف الدراسة على عاتقهم بعد الاستقلال مسؤولية خدمة المسلمين المحليين وإنقاذ هويتهم من الضياع، وذلك استجابة لنداء الواجب تجاه إخوانهم من سكان البلاد الأصليين، وكذلك تجاه المجتمع الأوكراني ككل، تعريفا بالإسلام كدين رحمة وهداية، ودحضا للشبهات عنه.
تدرجت هذه الثلة المؤمنة بما قدمته للإسلام والمسلمين في أوكرانيا، فقامت بادئ الأمر بتأمين مصليات للمسلمين اعتمادا على إمكانيات مادية شخصية خاصة، ثم أسست عدة جمعيات ثقافية اجتماعية في عدة مدن كبرى ليتوسع بذلك نطاق عملها ومجالاته، حتى أصبحت هذه الجمعيات ملاذا للمسلمين من سكان البلاد الأصليين والقادمين من دول أخرى، ومشعل نور وهداية في المجتمع الأوكراني.
ثم توجت هذه الجهود المباركة في السابع من شهر فبراير من العام 1997م بوحدة هذه الجمعيات تحت مظلة اتحاد أجمع مؤسسوه على إطلاق اسم اتحاد المنظمات الاجتماعية "الرائد" عليه، ليكون رائدا في مجال خدمة المجتمع الأوكراني والمسلمين فيه، وليصبح فيما بعد أكبر وأبرز مؤسسة أوكرانية تعنى بشؤون المسلمين في أوكرانيا.
الأهداف
اعتمد اتحاد الرائد منذ التأسيس جملة من الأهداف لدفع وحماية مسيرة العمل الإسلامي الخيري الدعوي في أوكرانيا، ومن أبرزها تعريف المجتمع الأوكراني بالإسلام والثقافة الإسلامية، والنهوض بمستوى مسلمي أوكرانيا في مختلف المجالات، وتعزيز ارتباطهم بقضايا أمتهم، إضافة إلى بناء جسور التعاون والحوار.
المراكز والجمعيات
يشرف الرائد على أحد عشر مركزا ثقافيا إسلاميا في كبريات المدن، وتنضوي تحت لوائهأكثر من عشرين جمعية اجتماعية موزعة في شتى أرجاء المدن والأقاليم الأوكرانية.
الإنجازات
تمكن اتحاد الرائد على مدار السنوات التي تلت قيامه في العام 1997 من القيام بالعديد من المشاريع وتحقيق العديد من الإنجازات، وكان الشمول والتوازن من أهم ما يميز تلك المشاريع والإنجازات التي تمتفي مختلق المجالات.
قام الرائد ببناء وترميم أكثر من 120 مسجدا، وحفر المئات من الآبار للمسلمين التتار في قراهم النائية، وقام بترميم 13 مدرسة تترية، وتزويدها بما تحتاج إليه من مواد وأدوات تقنية وعيادات طبيبة، كما وزع أكثر من 280 بيتا بلاستيكيا على الأسر الفقيرة، ويكفل الرائد أكثر من ألف وخمسمائة طفل مسلم يتيم.
يشرف اتحاد الرائد على نحو 43 مدرسة أسبوعية لتعليم اللغة العربية والثقافة الشرقية الإسلامية، وهي من أهم وسائل الدعوة والتعريف بالإسلام في أوكرانيا، كما ينظم الرائد بشكل دوري عدة دورات ومخيمات ومسابقات علمية ودينية وثقافية للمسلمين، بالإضافة إلى دورات خاصة بالمسلمين الجدد.
يحرص اتحاد الرائد بالتنسيق مع الجهات الحكومية والنخب المثقفة على عقد وتنظيم المؤتمرات والندوات العلمية والثقافية التي تسهم بدحض الشبهات عن الإسلام والدفاع عن حقوق المسلمين، وكذلك بتفعيل الحوار بين شرائح المجتمع الأوكراني العرقية والدينية بما يخدم وحدتها والتعايش البناء بينها.
يصدر الرائد صحفا ومجلات ونشرات دينية ثقافية شاملة وبلغات عدة، ويشرف على العديد من المواقع الإلكترونية، التي تستهدف فئات المجتمع الأوكراني كافة، وتعرف العالم بواقع وأخبار الإسلام والمسلمين في أوكرانيا، وتصل مسلميها بقضاياهم الرئيسية وأخبار أمتهم.
المشاريع
يطمح اتحاد الرائد إلى الارتقاء بمستوى مسلمي أوكرانيا وتعزيز أدوارهم الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والحضارية كمواطنين في المجتمع، وإلى بناء الشخصية الإسلامية المتكاملة من خلال الجمعيات والمراكز الإسلامية التي يشرف عليها.
كما يطمح إلى تعزيز لغة التسامح والحوار والتعايش الإيجابي البناء بين المسلمين وباقي فئات المجتمع العرقية والدينية بما يخدم المجتمع الأوكراني ككل والأقليات المسلمة فيه على وجه الخصوص، وذلك من خلال عمل متقن تعكسه جملة من الفعاليات والنشاطات والمشاريع الإستراتيجية التي يسعى إلى القيام بها بالتعاون مع الهيئات والمنظمات الإسلامية الخيرية الإغاثية وأهل الخير والإحسان في داخل أوكرانيا وخارجها.