أنت هنا
إضافة تعليق
إذا كان قدوم شعبان يمهّد لقدوم شهر الصيام فحريٌّ بكل مسلم ومسلمة أن يشمّرا عن ساعد الجد ويؤدّيا المزيد من الطاعات لتهيئة الجسد والروح لخير شهور العام على الإطلاق، وعلى الجميع أن يبادر لتقليل أوقات النّوم والتسلية ويعملا على استثمار الوقت بالطاعة والذكر وتلاوة القرآن، فشعبان اشتهر أنّه شهر القرّاء كما قال سلمة بن سهيل وحبيب بن أبي ثابت: "شهر شعبان شهر القراء".
وممّا ورد فيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر أكثر منه صياما في شعبان) رواه البخاري ومسلم.
وعن أسامة بن زيد قال: قلت: يا رسول الله!، لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟، قال: "ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم" رواه النسائي.
وشهر شعبان مقدم شهر رمضان المبارك، تضاعف فيه الأجور، وتفتح فيه أبواب الرحمة، فكأنه أراد من عباده التحلل من كل ظلم: ظلم النفس بالشرك، وظلم العباد بالتباغض. حتى لا يحرموا تحصيل الأجر الجزيل، كما جاء وصفه في الحديث القدسي: "كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به".
وشعبان كذلك هو شهر الحرث ...ورمضان شهر الحصاد .فليكن لنا حرث كثير لنشهد حصاداً مباركاً يبهج أرواحنا ونفوسنا. ولتلهج ألسنتنا بالدّعاء لمولانا العليّ العظيم "اللهم بارك بنا في شعبان وبلّغنا رمضان".
وقد ورد في الصحيح الجامع من تحقيق الشيخ الألباني رحمه الله عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنهأنّ النبي عليه الصلاة والسلام قال : "إنّ الله لَيَطّلِع في ليلة النّصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن" حديث رقم 1819.
وهذه مادّة من موقع الشيخ القرضاوي حفظه الله فيها الفائدة العلمية بخصوص هذا الشهر الكريم
استحباب الصوم في شعبان
شهر شعبان كان من الشهور التي يحرص النبي صلى الله عليه وسلم على أن يصوم فيها أكثر من غيره من الشهور. روت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستكمل صيام شهر قط غير رمضان، على خلاف ما يفعل بعض الناس في بعض البلاد العربية، حيث يصومون ثلاثة أشهر: رجب، شعبان، ورمضان...
|
سؤال: هل هناك أيام معينة في شهر شعبان يستحب فيها الصيام؟
أجاب العلّامة القرضاوي:
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن اتبعه إلى يوم الدين، وبعد:
شهر شعبان كان من الشهور التي يحرص النبي صلى الله عليه وسلم على أن يصوم فيها أكثر من غيره من الشهور . روت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستكمل صيام شهر قط غير رمضان، على خلاف ما يفعل بعض الناس في بعض البلاد العربية ، حيث يصومون ثلاثة أشهر: رجب، شعبان، ورمضان. والأيام الستة من شوال، التي يسمونها (البيض) يبدأ الصيام عندهم من أول رجب إلى السابع من شوال، ما عدا يوم العيد، الأول من شوال. وهذا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة ولا عن التابعين.
كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ، وتقول عائشة : كان يصوم حتى نقول: لا يفطر. ويفطر حتى نقول: لا يصوم، وأحياناً يصوم الاثنين والخميس، وأحياناً ثلاثة أيام من كل شهر، وخاصة الأيام البيض القمرية. وأحياناً يصوم يوماً ويفطر يوماً ، كما كان يفعل داود عليه السلام (أحب الصيام إلى الله صيام داود، كان يصوم يوماً ويفطر يوماً).
وكان عليه الصلاة والسلام أكثر ما يصوم في شهر شعبان، وكأن ذلك نوع من التهيؤ والاستعداد لاستقبال رمضان. أما أن يصوم أياماً محددة، فلم يرد قط.
وفي الشرع لا يجوز تخصيص يوم معين بالصيام، أو ليلة معينة بالقيام دون سند شرعي.. إن هذا الأمر ليس من حق أحد أياً كان وإنما هو من حق الشارع فحسب.
تخصيص الأوقات، أو تخصيص الأماكن بالعبادات، وتحديد الصور والكيفيات، هذا من شأن الشارع ومن حقه، وليس من شأن البشر.
والله تعالى أعلم...
ليلة النصف من شعبان
ليلة النصف من شعبان، لم يأت فيها حديث وصل إلى درجة الصحة، هناك أحاديث حسنها بعض العلماء، وبعضهم ردها وقالوا بأنه لم يصح في ليلة النصف من شعبان أي حديث... فإن قلنا بالحسن، فكل ما ورد أنه يدعو في هذه الليلة، ويستغفر الله عز وجل، أما صيغة دعاء معين فهذا لم يرد، والدعاء الذي يقرأه بعض الناس في بعض البلاد، ويوزعونه مطبوعاً، دعاء لا أصل له، وهو خطأ...
|
سؤال: ما حكم دعاء نصف شعبان؟ وهل ورد في ليلة النصف من شعبان أحاديث صحيحة؟ إلى آخر ما يقال عن هذه الليلة...
أجاب العلّامة القرضاوي:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن اتبعه إلى يوم الدين، وبعد:
ليلة النصف من شعبان، لم يأت فيها حديث وصل إلى درجة الصحة، هناك أحاديث حسنها بعض العلماء، وبعضهم ردها وقالوا بأنه لم يصح في ليلة النصف من شعبان أي حديث... فإن قلنا بالحسن، فكل ما ورد أنه يدعو في هذه الليلة، ويستغفر الله عز وجل، أما صيغة دعاء معين فهذا لم يرد، والدعاء الذي يقرأه بعض الناس في بعض البلاد، ويوزعونه مطبوعاً، دعاء لا أصل له، وهو خطأ، ولا يوافق المنقول ولا المعقول..
في هذا الدعاء نجد هذا القول: "اللهم إن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب شقياً أو محروماً أو مطروداً أو مقتراً على في الرزق، فامح اللهم بفضلك شقاوتي، وحرماني وطردي، وإقتار رزقي وأثبتني عندك في أم الكتاب سعيداً مرزوقاً موفقاً للخيرات كلها فإنك قلت وقولك الحق في كتابك المنزل وعلى لسان نبيك المرسل: (يمحو الله ما يشاء ويثبت، وعنده أم الكتاب).
ففي هذا الكلام نرى تناقضاً واضحاً:
ففي أوله يقول: إن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب شقياً أو محروماً.. فامح هذا وأثبتني عندك في أم الكتاب سعيداً مرزوقاً للخيرات.. لأنك قلت (يمحو الله ما يشاء ويثبت، وعنده أم الكتاب). فمعنى الآية أن أم الكتاب لا محو فيها ولا إثبات، فكيف يطالب بالمحو والإثبات في أم الكتاب.
ثم هذا الكلام ينافي ما جاء في أدب الدعاء، فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول: "إذا سألتم الله فاجزموا في المسألة" لا يقل أحدكم: يارب اغفر لي إن شئت، أو ارحمني إن شئت، أو ارزقني إن شئت، فإن الله لا مكره له، بل ينبغي أن ينبغي أن يقول: اغفر لي، ارحمني، ارزقني... بالجزم واليقين.. لأن هذا هو المطلوب ممن يدعو ربه عز وجل.
أما تعليق الدعاء على المشيئة والشرطية بقول الداعي "إن شئت" كما سلف، فليس هذا أسلوب الدعاء، ولا أدبه، ولا أسلوب المفتقر الذليل إلى ربه، بل هو أسلوب أشبه بأسلوب التأليف الركيك الذي لا يقبل في مثل هذا المقام من عباد الله المؤمنين.
وهذا يدلنا على أن الأدعية التي يضعها البشر ويخترعونها كثيراً ما تكون قاصرة عن أداء المعنى، بل قد تكون محرفة ومغلوطة ومتناقضة، إنه ليس أفضل مما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من أدعية مأثورة، لأنه يترتب عليها أجران: أجر الاتباع، وأجر الذكر.
فعلينا دائماً أن نحفظ هذه الأدعية النبوية، وأن ندعو بها. أما ليلة النصف من شعبان، فمعظم ما يفعل فيها من أشياء ليس وارداً، ولا صحيحاً ولا من السنة في شيء. أذكر أني كنت أقوم في صغري مع الناس تقليداً لهم، فنصلي ركعتين بنية طول العمر، وركعتين بنية الغنى عن الناس، وقراءة يس ثم صلاة ركعتين.. وغير ذلك.
وكل هذه تعبدات ما أمر الشرع بها، والأصل في العبادات، الحظر.. ليس للإنسان أن يخترع في عباداته ما يشاء، لأن الذي من حقه أن يعبد الناس وأن يرسم لهم العبادة هو الله عز وجل. (أم شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) فعلينا أن نقف عند ما ورد، ولا نفعل أكثر من الدعاء المأثور، إن كان ذلك حسناً... والله أعلم...
اتحاد "الرائد" - القسم الثقافي