أنت هنا
إضافة تعليق
مع حلول شهر ربيع الأنور من كل عام هجري يحلو الكلام عن سيد الأنام محمد عليه أفضل الصلاة والسلام.
ونحن أيها الأحبة الكرام في كل يوم نحتفل بالحبيب محمد صلوات الله وسلامه عليه باتباع سنته واتباع مبادئه والقيم التي نادى بها عليه الصلاة والسلام، ولعل من معاني ذكرى مولد الحبيب المصطفى ان نتذكر القيم والفضائل التي جاء بها هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، نستدعي هذه القيم ونستحضرها في أذهاننا، ومن ثم نحاول أن نطبقها عمليا، منفذة من قبلنا، ممتزجة بحياتنا، قائمة مشخصة لا نعدل عنها.
والقيم التي جاء بها المصطفى صلى الله عليه وسلم فيها سعادة الإنسان في كل زمان ومكان لأنها تامة كاملة، ليس فيها نقص لا في عدد القيم ولا في طبيعتها ونوعها، وسنتناول في هذه المقالة القيمة الأهم والاعظم التي جاءنا بها الحبيب عليه الصلاة والسلام، وهي قيمة الرحمة.
إن الله عز وجل قال لنبينا صلى الله عليه وسلم : ﴿ وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ﴾ الأنبياء: 107، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الذي يرويه الامام الدرامي في سننه : "إنما أنا رحمة مهداة"، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً كما في صحيح الإمام مسلم: "إن الله لم يبعثني لعانا، وإنما بعثت رحمة".
لذلك كان الرسول الاكرم الرحمة ذاتها وعينها ونفسها، كان الرحمة كلها، كان الرحمة يشخصها ويجسدها، وبناء على ما ذكرنا نقول: إن كل قيمة أخرى جاء بها النبي عليه الصلاة والسلام إنما نسجت بخيوط الرحمة، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان عادلا، ولكن العدالة والعدل كانا ممتزجين ومنسوجين بالرحمة، كان عليه الصلاة والسلام بشيرا، ولكن البشير تتبع بالرحمة فهو بشير رحيم، كان نذيرا، ولكنه نذير رحيم، كان حكيما، ولكنه حكيم رحيم، كان عطوفا، رؤوفا، أمينا، وكل هاتيك القيم انتُسِجيت بخيوط الرحمة، ولذلك وصف صلوات الله وسلامه عليه بالرحمة، بل كان الرحمة عينها ونفسها وذاتها.
إن الرحمة التي جاء بها النبي عليه الصلاة والسلام كان مشخصها ومجسدها وممثلها ومجليها ومحددها وصاحبها، فما أحرانا أن نكون رحماء، وإلى أن نتحلى بالرحمة، إلى أن يتحلى التاجر والطالب والداعية والموظف والأب والأم بالرحمة، كل أصناف وشرائح المجتمع يجب أن تتحلى بالرحمةَ في القول والعمل والحال والمقال.
ومن أهم معاني الرحمة كما يقول علماؤنا الأجلاء أن الرحمة تعني العطاء النافع برفق، يقول تعالى: ﴿ فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك﴾ آل عمران : 159، ويفسر علماؤنا كذلك الفظاظة والغلظة بأنها عطاء غير نافع، والغلظة تعني عنفا أو تعني ضد الرفق، لأن الرحمة عطاء نافع برفق، إذا ما أعطيت برفق عطاء نافعا فهذه هي الرحمة ولذلك ربنا عز وجل قال: ﴿الرحمن، علم القرآن، خلق الإنسان، علمه البيان﴾ الرحمن: 1- 4.
ومن حيث كونه رحمانا خلقنا فحياتنا عطاء نافع، والله حينما خلقنا خلقنا برفق.
والعطاء النافع للجميع، لا نتدخر العطاء ولا جزءا منه، العطاء النافع برفق لكل الناس على اختلاف ألسنتهم وأعراقهم وطبقاتهم، وهذا ما يقوله سيدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي يرويه الدارمي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تؤمنون – وفي رواية لن تؤمنوا – حتى تراحموا" فقال رجل: يا رسول الله: كلنا رحيم. فقال: "ليست الرحمة برحمة أحدكم صاحبه، ولكنها الرحمة العامة، الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء".
فلنفكر في مثل هذه الذكريات بالقيم التي جاء بها الحبيب المصطفى، وبقيمة الرحمة خاصة، هل أنا وأنت نعطي عطاءا نافعاً برفق، كل منا يحب أن توصف بالرحمة، فالرفق ما وضع على شيء إلا زانه وما رفع من شيء إلا شانه، نريد أن نعيش الرحمة، نريد أن نفكر في الرحمة، نريد أن نحاسب أنفسنا في كل يوم هل كنا رحماء هذا اليوم من خلال عطاء نافع برفق أم أن الرحمة ابتعدت عنا فلم تصبنا بوابها الطيب، أوليس النبي عليه الصلاة والسلام قد قال: "لن تؤمنوا حتى تراحموا" إذا لم نتراحم فلن نرى الخير ولن نرى الإيمان، والخير لا يأتي إلا من وراء الإيمان، فإذا ذهب الإيمان ذهب الخير كله.
إن النبي عليه الصلاة والسلام كان رحيماً بالمؤمنين، كان رحيماً بالجماد، كان رحيماً بالحيوان، كان رحيماً بالمشركين، أوليس نبينا محمد قد قال: "اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون "إنه يريد أن يعطيهم الإيمان، فالإيمان عطاء نافع برفق.
الصلاة والسلام عليك يا سيدنا يا رسول الله، الصلاة والسلام عليك يا أرحم الناس بالناس، الصلاة والسلام عليك يا خاتم رسل الله، الصلاة والسلام عليك يا أيها المبعوث رحمة للناس، الصلاة والسلام عليك في يوم مولدك، وفي يوم بعثك، وفي يوم تشفع لنا فيه عند الله جلت قدرته.
اتحاد المنظمات الاجتماعية - الرائد