أنت هنا
إضافة تعليق
هكذا كان خيار غالبية مسلمي أوكرانيا في انتخابات الرئاسة التي جرت جولتها الأولى الأحد 17-1-2010، والتي أشارت نتائجها الأولية إلى فوز الزعيم السياسي المعارض الموالي لموسكو فيكتور يانوكوفيتش زعيم حزب الأقاليم، تليه رئيسة الوزراء يوليا تيموشينكو، بعد فرز نحو نصف الأصوات؛ ليتواجها معا في جولة ثانية في السابع من فبراير المقبل.
وكانت أكبر مؤسستين إسلاميتين في أوكرانيا، وهما: اتحاد المنظمات الاجتماعية "الرائد"، والإدارة الدينية لمسلمي أوكرانيا "أُمَّة"، قد أصدرتا بيانا مشتركا دعتا من خلاله مسلمي البلاد إلى "المشاركة الإيجابية الفاعلة في تلك الانتخابات الرئاسية، ومنح أصواتهم لمن يرون أنه أقدر على النهوض بالمجتمع والعمل لصالحه"، من دون تأييد أحد من المرشحين.
واعتبر البيان أن مستقبل البلاد "يعتمد على أصوات مواطنيها جميعا".
وقال إيجور كربيشين رئيس الإدارة الدينية لمسلمي أوكرانيا "أمة": إن الإدارة واتحاد المنظمات الاجتماعية "الرائد" دعيا مسلمي البلاد إلى المشاركة الفاعلة، دون تحديد مرشح دون آخر.
وأوضح في تصريحات لـ"إسلام أون لاين.نت" أن ذلك يعود إلى تباين اهتمامات ومطالب المسلمين بحسب المناطق التي يسكنون فيها، وقال: "لتتار القرم (جنوب) اهتمامات، ولمسلمي الدونباس (شرق) اهتمامات، ولمسلمي باقي الأقاليم والمناطق اهتمامات، ولذلك اكتفينا بدعوة المسلمين إلى التصويت لصالح من يرون أنه أهل لخدمة جميع فئات المجتمع الأوكراني على اختلافاتها العرقية والدينية".
وبحسب تقارير إعلامية، فإن مرشحي الانتخابات، وعددهم 18، عملوا على محاولة كسب الصوت الإسلامي من خلال مجموعة من البنود التي تضمنتها برامجهم بشأن تحسين أوضاع الأقليات في هذا البلد.
إلا أن أغلبية مسلمي أوكرانيا فضلوا التصويت لصالح مرشحي ما يعرف إعلاميا بـ"الثورة البرتقالية"، وعلى رأسهم رئيسة الوزراء يوليا تيموشينكو، بحسب استطلاع أجرته شبكة "إسلام أون لاين.نت" لآراء عدد من رموز الأقلية المسلمة من مواطنين ووافدين، في مناطق مختلفة من أوكرانيا.
وتتولى تيموشينكو رئاسة الوزارة في حكومة الرئيس المنتهية ولايته فيكتور يوتشينكو، الذي قاد إبان توليه لرئاسة الوزراء في حكومة الرئيس السابق يانوكوفيتش، حركة شعبية مؤيدة للنمط الليبرالي الغربي، أسقطت حكم يانوكوفيتش في أواخر العام 2004، وعرفت باسم "الثورة البرتقالية"، ووقتها صوت معظم مسلمي أوكرانيا لصالح يوتشينكو في انتخابات 2004 الرئاسية.
مشاركة فعالة
من جهته، أكد الدكتور إسماعيل قاضي، رئيس "الرائد"، كبرى المؤسسات المعنية بشئون العرب والمسلمين بأوكرانيا، أنه "كانت هناك مشاركة كبيرة وفعالة من قبل مسلمي أوكرانيا في انتخابات أمس الأحد 17 يناير".
وردا على سؤال لـ"إسلام أون لاين.نت" حول لمن أعطى مسلمو أوكرانيا أصواتهم، قال قاضي: "يصعب تحديد ذلك؛ نظرا لعدم وجود مظلة سياسية واحدة تجمع جميع مسلمي أوكرانيا".
إلا أنه توقع أن تكون غالبية أصوات مسلمي أوكرانيا قد ذهبت لمرشحين من أنصار التيار الديمقراطي والموالي للغرب "البرتقالي"، وأوضح أن ذلك يعود إلى أنه "كانت هناك تصريحات ونداءات من قبل مؤسسات إسلامية للتصويت لصالحهم بهدف دعم التوجه الأوروبي لأوكرانيا، وانضمامها إلى الاتحاد الأوروبي الذي يعتبر رمز المساواة والرخاء في عصرنا الحالي"، بحسب قوله.
كما قال إنه بالإضافة إلى الاعتبارات الخاصة بمسلمي أوكرانيا في هذا الإطار، فإن فهناك الكثير من منظمات المجتمع المدني التي تأسست في ظل أجواء الانفتاح التي سادت خلال تولي التيار الليبرالي الموالي للغرب للسلطة في السنوات الماضية "أصبحت منتشرة في المجتمع، ولها دور كبير في توجيه المواطنين لدعم مرشحي التوجه الغربي في هذه الانتخابات".
تتار القرم
وفي الإطار، قالت ليليا مسليموفا المتحدثة باسم مجلس شعب تتار القرم، أكبر مؤسسة تترية ذات طابع سياسي في أوكرانيا، لـ"إسلام أون لاين.نت": إن أكثر من 70% من التتار صوتوا في الانتخابات، بينما النسبة الباقية من تتار القرم حال بينها وبين التصويت سوء أحوال الطقس، وبعد المسافات؛ نظرا لسكناهم في قرى نائية، بحسب قولها.
وأوضحت مسليموفا أن تتار القرم، البالغين نحو 500 ألف مسلم، قد صوتوا لصالح "من يبرز اهتماما بقضاياهم؛ وهم الموالون للغرب وليس لموسكو"، مشيرة إلى أن رئيسة الوزراء تيموشينكو المرشحة القوية الوحيدة ذات الميول الغربية في الانتخابات الرئاسية "صوت لها معظم التتار".
ومن جهته، قال سيران عاريفوف مدير مركز الرضوان الإسلامي في القرم لـ"إسلام أون لاين.نت" في معرض تفسيره لأسباب تصويت مسلمي أوكرانيا لصالح تيموشينكو: إن "هاجس نيل الحقوق واستعادة الأراضي والممتلكات لعب دورا أساسيا في نفس الناخب التتري في أوكرانيا، لذلك فإن أصوات التتار توجهت نحو تيموشينكو التي وعدتهم بحلول" لهذه المشكلات.
نفس الأمر أكده الدكتور محمد طه، مدير مكتب "الرائد" بالقرم، ورئيس المركز الإسلامي بها، خلال حواره عبر الهاتف مع "إسلام أون لاين.نت".
وعلل طه ذلك بأن "المجلس التتري بالقرم كان قد أرسل إلى أبرز 9 مرشحين مذكرة تتضمن نحو 30 سؤالا حول رؤيتهم لكيفية معالجة القضايا المتعلقة بتتار القرم، وتحسين أوضاعهم المعيشية، وإعادة توطينهم في أرضهم التي صودرت منهم إبان حقبة الشيوعية"، وقال: إن المرشح الوحيد الذي رد على تلك المذكرة كان رئيسة الوزراء الحالية تيموشينكو؛ "وهو ما دفع بتتار القرم إلى تأييدها بقوة"، بحسب طه.
ولفت الدكتور طه إلى أن المجلس كان قد دعا المسلمين إلى تأييد أي مرشح يرونه مناسبا من مرشحي التيار الديمقراطي الموالي للغرب في الجولة الأولى، وقال إنهم سوف يدعون إلى ذلك في الجولة الثانية من الانتخابات.
تتار الدونباس
على جانب آخر، لم يكن ذلك هو موقف كل مسلمي أوكرانيا؛ ففي شرق البلاد حيث يتركز تتار الدونباس، أكد الشيخ سعيد إسماعيلوف، مفتي الإدارة الدينية لمسلمي أوكرانيا "أمة" أن "تتار كازان في إقليم الدونباس (ثاني أكبر تجمع للتتار في أوكرانيا بعد القرم) لم يصوتوا لصالح رئيسة الوزراء تيموشينكو"، وعلل ذلك بأنهم "يرون أن سياسات حكومتها تسببت في إغلاق معظم مصانع الإقليم وقطع الرواتب".
كما لفت الشيخ إسماعيلوف إلى أنهم -تتار الدونباس- لم يصوتوا فقط لصالح زعيم المعارضة وحزب الأقاليم يانوكوفيتش، بل صوتوا لمرشحين آخرين تميزوا بطرح قوي لبرامجهم أثناء الحملات الانتخابية، وفي مقدمتهم وزير الاقتصاد السابق ورجل الأعمال سيرجي تيجيبكو، ووزير الدفاع السابق أناتولي جريتشينكو.
العاصمة كييف
أما في العاصمة كييف، فقد كانت الصورة مختلفة؛ حيث تباينت مواقف المسلمين إزاء المرشحين، من واقع العينة التي استطلع "إسلام أون لاين.نت" رأيها.
فقالت سوزان إسلاموفا (32 عاما) إنها صوتت "ضد الكل"، مؤكدة أنه "لا أحد من المرشحين يستحق أن يكون رئيسا، وخاصة أن الشعب سئمهم جميعا، وسئم كذب وعودهم واستغلالهم المناصب لمصالح شخصية ليس إلا".
أما نيكيتا دراتشوك، وهو شاب أوكراني مسلم يدرس الصحافة، فقال إنه صوت لصالح المرشح المستقل ورجل الأعمال سيرجي تيجيبكو؛ لأنه -بحسب قوله- ذو صفحة بيضاء، وذو خبرة في مجال الاقتصاد، وهو -دراتشوك- يؤمن "بأن التغيير سبيل وحيد إلى حل مشاكل المجتمع الأوكراني".
وشهدت أوكرانيا أمس الأحد انتخابات رئاسية، أظهرت مؤشرات الفرز الخاصة بأكثر من نصف الأصوات حتى ظهر أمس فوز فيكتور يانوكوفيتش بحصوله على 36,86% من الأصوات، ليتواجه مع رئيسة الوزراء يوليا تيموشينكو في الدورة الثانية المقررة في السابع من فبراير المقبل، بحسب إحصائيات ذكرتها وكالة الأنباء الفرنسية.
أما الرئيس المنتهية ولايته فيكتور يوتشينكو، بطل الثورة البرتقالية، فقد حل خامسا بحصوله على 4.87% فقط من الأصوات، خلف الرئيس السابق للبرلمان أرسني ياتسينبوك الذي حصل على 6.44% من الأصوات.
ودعي 36 مليون أوكراني للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات، من أصل 48 مليون مواطن، وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات 66,68%، بحسب اللجنة الانتخابية المركزية.
ويتجاوز عدد المسلمين في أوكرانيا مليوني نسمة، يمثلون ما نسبته حوالي 5% من عدد سكان أوكرانيا، بحسب إحصائيات رسمية حديثة، ويتركزون في شبه جزيرة القرم على ساحل البحر الأسود.
وينتمي مسلمو أوكرانيا إلى عرقيات وأجناس مختلفة، أكبرها تتار القرم وهم من أصول تركية، وتتار قازان وهم من مناطق القوقاز واستوطنوا أوكرانيا من مئات السنين، كما أن هناك أعدادًا من الآذريين والشيشان والأوزبك، إضافة إلى أبناء الوافدين من بلاد عربية وإسلامية.
الخبر كما ورد على موقع إسلام أون لاين (هنا)